وأكد نخبة من العلماء والشيوخ خلال الحفل الختامي لهذا الملتقى الذي نظمته مؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش، أن “التصوف السني المغربي، يشكل امتدادا حيا للإرث النبوي، وتجليا عمليا للقيم الروحية التي تجمع بين السلوك الأخلاقي، والتزكية الذاتية، وخدمة الإنسان”.
وأبرزوا أن هذا “النموذج الصوفي المغربي، الذي ارتكز تاريخيا على الاعتدال والتوسطية، أصبح اليوم ضرورة في عالم يطغى عليه النزاع والتطرف، لما يقدمه من بدائل سلمية تعزز قيم التعايش وقبول الآخر”.
وفي تصريح للصحافة، أوضح رئيس مجلس الدراسات العربية والإسلامية بنيجيريا، البروفيسور ياهوزا سليمان إمام، أن الملتقى شكل مناسبة لإبراز الأهمية الخاصة الذي يحظى بها التصوف السني المغربي، معتبرا أن المغرب كان ولا يزال نموذجا ومرجعا لمعظم الحركات الصوفية السنية الوسطية في العالم الإسلامي.
وأكد البروفيسور إمام، أن المملكة لعبت دورا محوريا في تعزيز السلام والتعايش بين مختلف الطوائف، من خلال تمسكها بالعترة النبوية الشريفة، مشيرا إلى أن هذا البعد الروحي أسهم في بناء نموذج متفرد للتقارب الإنساني، يقوم على المحبة والإخاء ونبذ مظاهر الكراهية والتعصب.
من جانبه، أوضح مدير مؤسسة الشيخ الحصري بالقاهرة، الدكتور حمد الله حافظ الصفدي، أن التصوف هو الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه حركة المسلم في الحياة، وجعلها متوافقة مع ما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما أمر به الله عز وجل في كتابه الكريم.
وأشار إلى أن الزوايا ومشايخ الطرق الصوفية مدعوة اليوم، للاضطلاع بدور مجتمعي فاعل يأخذ بيد الشباب، ويوجههم لما فيه خير لهم ونهضة بلدانهم، تعزيزا لمناعة المجتمعات في مواجهة الانحرافات الفكرية والسلوكية.
من جهته، أكد رئيس مؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش، مولاي سلامة العلوي، أن “هذا الملتقى أعاد إبراز فرادة الهوية الروحية المغربية، بما تحمله من ارتباط وثيق بالعترة النبوية الشريفة، وما تكرسه من قيم المحبة والتعايش”.
وأبرز السيد العلوي، في تصريح مماثل، أن المغرب، تحت قيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ظل وفيا لهذا المسار الذي يزاوج بين الأصالة والانفتاح.
وتوج الحفل بتوزيع شواهد تقديرية للمشاركين في “جائزة مولاي علي الشريف للدراسات والأبحاث العلمية” في دورتها الثانية، حيث تم تكريم عدد من الباحثين الشباب تقديرا لأعمالهم في مجال الدراسات الروحية والتصوف المغربي، إلى جانب فقرات من السماع والمديح النبوي، جسدت عمق الارتباط بين المغاربة وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعرف الملتقى المنظم على مدى خمسة أيام بمشاركة باحثين وعلماء ومفكرين من داخل المغرب وخارجه، نقاشات علمية وفكرية سلطت الضوء على موضوع “خصوصية الهوية الروحية والتصوف السني المغربي.. رباط أبدي بالعترة النبوية الشريفة وركن أساس في بناء المشترك الإنساني الكوني”.
وتضمن برنامج الملتقى، المنظم بشراكة مع جامعة القاضي عياض، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش آسفي، وبتعاون مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، ندوات وجلسات فكرية احتضنتها مؤسسات جامعية وتربوية بكل من مراكش وابن جرير، تناولت قضايا تتصل بتراث التصوف المغربي وأثره في تعزيز السلم الاجتماعي وتحصين الشباب من خطاب التطرف والانغلاق.