وعي جماعي وورطة جزائرية

تقارير
27 يونيو 2025
وعي جماعي وورطة جزائرية
رابط مختصر

بقلم الخبير الدولي والباحث الأستاذ : البراق شادي عبد السلام

في هذا الصدد قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن “طرح مشروع قانون يقضي بإدراج ميليشيا البوليساريو في قوائم الإرهاب الأمريكية يندرج في إطار الوعي الجماعي العالمي بزيف الأطروحة الانفصالية، والسردية النضالية الوهمية المرتكزة على التضليل والأكاذيب، كما يؤكد اقتناع أطراف فاعلة في المشهد السياسي الأمريكي بالمخاطر العالية التي يشكلها تواجد جماعة مسلحة غير خاضعة للقانون الدولي في منطقة الساحل والصحراء الكبرى التي تعج بالأزمات والتهديدات الكبرى”.

وأضاف البراق، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المشروع ينتمي إلى مجموعة القوانين المشتركة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري (Bipartisan bills)، ويؤكد على الفهم العميق من النخبة السياسية في واشنطن والإدارة الأمريكية لطبيعة التحديات الخطيرة التي يشكلها التسامح مع وجود ميليشيا ذات توجه إرهابي، تهدد الاستقرار العالمي والإقليمي والمصالح الأمريكية في إفريقيا”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “دخول النخب الأمريكية على خط النزاع في الصحراء يُعد مؤشرًا قويًا على أن الساحة الدولية بدأت تدرك حجم المسؤولية الجزائرية”، وزاد: “إنها رسالة واضحة ومباشرة للجزائر بأن دعمها المستمر لكيان مُصنَّف إرهابيًا، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، لم يعد مقبولًا”، مبرزًا أن “هذا الوضع يضع الجزائر في موقف حرج، ويهدد بتزايد عزلتها الدبلوماسية إذا ما أصرت على سياستها الحالية، التي تتعارض مع جهود الاستقرار الإقليمي”.

وسجل الخبير نفسه أن “هذا التحرك التشريعي الأمريكي يشكل نقطة تحول محورية للمغرب في قضية الصحراء المغربية، إذ يعزز بشكل غير مسبوق موقفه الدبلوماسي”، لافتًا إلى أن “الاستغلال الأمثل لهذا التحرك الأمريكي سيفتح آفاقًا واسعة للمغرب على صعيد الاعترافات الدولية بالسيادة على الصحراء، ويتجاوز مجرد الدعم السياسي ليشمل البُعد الاقتصادي والتنموي؛ فالدعم الأمريكي القوي سيُشجع دولًا أخرى، خاصة في أوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، على فتح قنصليات في العيون والداخلة، والأهم من ذلك أن ضمور أي تهديد من البوليساريو سيُشجع الاستثمارات الأجنبية في الأقاليم الجنوبية، محولًا المنطقة إلى قطب اقتصادي حيوي”.

وخلص البراق إلى أن “هذا التحرك يمثل رسالة ضغط مباشرة على الأطراف المُعرقلة لحل ملف الصحراء، فهو يهدف إلى إجبار جبهة البوليساريو وحلفائها، وعلى رأسهم الجزائر، على إعادة تقييم مواقفهم والتوجه نحو حل سياسي واقعي”، مشددًا على أن “أي تصنيف للبوليساريو ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية سيُقلص بشكل كبير من قدرتها على المناورة الدولية والتحشيد، ما قد يدفعها نحو طاولة المفاوضات بمرونة أكبر”، وختم بالقول: “في المقابل يفتح هذا التحرك آفاقًا غير مسبوقة للمغرب لتعزيز استثماراته وتنميته في الأقاليم الجنوبية، ما يرسخ الأمر الواقع على الأرض، ويُظهر للعالم أن هذه المنطقة مؤهلة للنمو والازدهار تحت السيادة المغربية، وبالتالي يُقوّض أي حجج انفصالية مستقبلية”.