أحمد شمين
أصبح أكيدا أن الوزارة الوصية على قطاع الإعلام ، تسير نحو الاقصاء التام للصحافة الحزبية ، والتي تدخل في اطار التعددية الفكرية التي ينص عليها دستور 2011 ، والذي صوت عليه شعب بكامله إبان الأزمة الاجتماعية ،التي كان يعرفها المغرب فترة الربيع العربي ، حرمان الأحزاب السياسية من منابرها الإعلامية ، وهي نافدة تطل من خلالها الهيئات على مناضليها والمواطنين بشكل مستمر ، كما تقوم من خلالها تنوير الرأي العام الوطني وتوجيهه نحو كل مايخدم الصالح العام ، وحمايته من مناورات أعداء الوطن ، اقصاء الصحافة الحزبية هو مس واضح ومبااشر لروح دستور 2011 ، هذا الإجراء ستترتب عنه انعكاسات سلبية جد خطيرة ، قد تطال المشاركة في الانتخابات اللمقبلة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل تتجه الحكومة الى حصر الدعم العمومي للصحافة
في الشركات و المقاوالت التجارية بحذف و اقصاء التعددية
المنصوص عليها في الدستور وقانون الصحافة ؟
الجميع يعلم ان قطاع الصحافة يعرف صعوبات كبيرة ، حيث يصارع
جسم الصحافة من أجل البقاء في غياب الدعم العمومي ، وعدم وضوح معايير
توزيعه منذ جائحة كورونا، إضافة الى عدم استقرار وضعية المجلس الأعلى
للصحافة الذي انتهى بإحداث لجنة مؤقتة تفتقر الى وضوح الرؤيا وآلية العمل .
وأن موضوع الدعم هذا يحتاج الى التذكير و استحضار النصوص القانونية و المراسيم التنظيمية الصادرة في الموضوع، لنقف على حقيقة إشكالية الصحافة
.
وبما ان هناك توافق حول مهمة وقدسية الصحافة ودورها الفاعل و المؤثر
في كل مسار ديمقراطي يرغب في اثبات ذاته.
ومن الطبيعي ان ترسانتنا القانونية في هذا المجال تشد عن القاعدة من
ذلك ان كافة النصوص القانونية وعلى راسها دستور المملكة تنص على
ضمــــــــــــــــــــــــــــــان التعددية ) تعددية الرأي و الفكر وجميع المشارب
باعتبارها ركيزة أساسية للديمقراطية الحقيقية .
إذ بالنسبة لدستور المملكة 2011 ينص في االفصلين السادس و السابع
على التزام السلطات العمومية بتوفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع
الفعلي لحرية المواطنين و المواطنات ، و المساوات بينهم ، ومن مشاركتهم في
الحياة السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية .
كما اكد أيضا على تكليف الاحزاب السياسية بتأطير المواطنين و
المواطنات وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية ، و تدبير الشأن العام الوطني، وتساهم في
التعبير عن إرادة الناخبين ،و المشاركة في ممارسة السلطة على أساس التعددية و
التناوب بالوسائل الديمقراطية و في نطاق المؤسسات الدستورية .وهكذا فإن الدستور ينص على ضرورة تعبير الأحزاب السياسية عن
ارائها وعن إرادة الناخبين في اطار التعددية بالوسائل الديمقراطية ومن بينها
الصحافــــــــــــــــــــــــــــة الحزبية التي تعتبر مؤسسة دستورية .
وهكذا فان كل اقصاء او تهميش للصحافة الحزبية او وضـــــــــــــــــــع
عراقيــــــــــــــــــــــــــــل للحيلولة دون قيامها بواجبها الدستوري يشكل اضعافا
وضربا للخيار الديمقراطـــــــــــــــي الذي اختاره صاحب الجاللة الملك محمد السادس لهذا البلد .
وعلى مستوى قانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة و النشر نجد انه ينص
على التزام الدولة بضمان حرية الصحافة وترسيخ الديمقراطية والتعددية
الفكرية ، وتعمل على الالتزام بها ، ودعم مواردها البشرية .
كما عرف الفصل الثامن منه المؤسسة الصحفية في مدلوله ) كل
شخـــــــــــــــص ذاتي او اعتباري يمارس كل او بعض الأنشطة الواردة في
المــــــــــــــــــــــــادة ،2 أي ان قانــــــــــــــــــــــــــــون الصحافة لم يلغ
الصحافي الذاتي او الحزبي الاعتباري الذي يشتغل في اطار شركـــــــــة
تجارية .
وهكذا فان قانون الصحافة ينص على المبدأ الدستوري
المشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار اليه و المتعلق بالتعددية الفكرية و السياسية غير ان المرسوم الصادر في 22 دجنبر 2023 ، و المتعلق بتحديد شروط
و كيفية الاستفادة من الدعم العمومي لقطاعات الصحافة و النشر و الطباعة و
التوزيع ، يحصر المستفيدين و المعنيين من الدعم العمومي في المؤسسة
الصحافية او شركــــــــة الطباعة او شركة التوزيع ، وفسر المؤسسة الصحفية
بلفظ الشركة ، بمعنى ان الدعم العمومي حسب هذا المرسوم موجه فقط للشركات
التجارية دون غيرها ، بمعــــــــــــــنى ان الاشخاص الذاتيون و الاعتباريون او
كل من يمارس العمل الصحفي خارج الشركـــــــــــــــات التجارية، مقصي
وغير مذكور أصلا وغير منصوص عليه او مذكور بالمرة في المرسوم الخاص
بتوزيع الدعم العمومي المشار اليه أعلاه.وان هذا ما كرسه بلاغ وزارة الشباب و الثقافة وقطاع التواصل
المرفـــــــــــــــــــــــــق بقرار وزير الشباب الصادر بتاريخ 19 دجنبر 2024 ،
بتحديد الوثائق المكونة لملف طلب الدعم العمومي لقطاعات الصحافة و النشر و
الطباعة و التوزيع .
إذ ان قرار الوزير يشمل الشركات التجارية التي تشتغل في
اطــــــــــــــــــــــــــــــــار قطاع الصحافة دون باقي الأطراف الأخرى
كالصحفيون الذاتيون او الاعتباريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون كالأحزاب
السياسية غير الممارسين للصحافة وتعدد الرأي في اطار الشركات التجارية.
وهكذا يتضح ان الحكومة عبر وزارة الشباب و الثقافة و التواصل
قــــــــــــــــــــــد اقصت الجسم الصحافي ككل من الدعم ولم تضع أية شروط أو
مسطرة واضحــــــــــــــــــــــــــــــــــة المعالم لضمان صدور العناوين
الصحافية الحزبية و الذاتية لدعم الجسم الصحــــــــــــفي غير التاجر و الذي لا
يهدف الى الربــــــــح، بل يهدف الى التعبير عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
الرأي و الرأي المضاد ونشر التوعية والفكر ، وإرساء حرية التعبير التي تعتبر
أساسا لكل ديمقراطية، وذلك بإغفال وعدم التنصيص في قرار الوزير على
مسطرة توزيع و كيفية دعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم الصحافة التي التي تشتغل
في اطار الشركات وهي الكثيـــــــــــــــــــــرة تشكل السواد الأعظم من الجسم
الصحفي .
فاذا استحضرنا اننا مقبلون على انتخابات تشريعية
قريبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة، وأن اقصـــــــــــــــاء
وحرمان الجرائد الحزبية التي تشكل التعددية من الدعم العمومي منذ
سنـــــــــــــــــــة ،2020 ومنعها من القيام بدورها في الحياة السياسية و
الحيلولة دون اضطالعها بدورها الدستوري المتمثل في تعددية الفكر و الرأي
لفائـــــــــــــــــــــــــــدة أحـــــــــــــــــــــــزاب ما اصطلح على تسميتها بالأغلبية التي
هيــــــــــــــأت نفسهـــــــــــــــا للاستحواد على المشهد الإعلامي والصحافة
الوطنية على حساب باقي الأحزاب السياسية.
وهكذا و بالنسبة لكل مهتم محايد او مراقب للمشهد الإعلامي و الصحفي
ان يجزم ان اقصاء التعددية و حرمانها من حقها في الوجود ضربا
للديمقراطيـــــــــــــــــة من جهة و اخلالا بأحد اعمدتها المقدسة أي التعددية الفكرية، و
يهدد احد اركان دستــــــــــــــــــــــــــــــــــور 2011 .